من اّداب الكلام وسوء كثرته
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
اّدب الكلام وسوء كثرته :
إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واّله وصحبه أجمعين أما بعد : إن من النعم التي أنعم الله بها علينا هي نعمة النطق ولكن قد تكون نقمة على كثير من الناس حيث أن البعض يستغل هذه النعمة بفضول الكلام وقبيحه ويبحث عن أسوء الكلام ويترك أفضله قال الشاعر :
احفظ لسانك أيها الإنسان
= لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
= كانت تهاب لقائه الشجعان
والعرب تقول قديما : ( إياك وأن يضرب لسانك عنقك ) يعني لا تتكلم بالكلمة التي فيها هلاكك ؛ ومن العجب العجاب أن ترى بعض الناس يثرثر في المجالس كثيرا والأعجب من هذا لا تجد له منصت على كثرت كلامه لأن النفس البشرية لا تميل إلى هذا الصنف من البشر والصمت يحبب الناس بصاحبه ويجعله صاحب مهابة لدى كل من يعرفه ومن لا يعرفه وهذا شئ مجرب ومعروف قال الشاعر :
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن
= ثرثارة في كل ناد تخطب
وقال غيره :
وزن الكلام إذا نطقت فإنما
= يبدي العقول أو العيوب المنطق
وقال اّخرون : ( من يكثر الكلام يأتيه الشتام ) فالعاقل هو الذي يتفقد نفسه وحاله لأن كثير من الأمور السيئة توجد داخل أنفسنا ونحن نعلم بها ولكن لا نغير منها شيئا ولا ندعوا الله سبحانه أن يخلصنا منها فهذا ظلم للنفس وأنصح كل شخص يقرأ هذه الحروف أن يلتزم الصمت ولا يكثر الكلام وسوف يجد حلاوة هذا الصمت بعد حين لأننا جميعا صراحة لا نحب الشخص الذي يتكلم كثيرا ونشعر بأنه بعيد عن أنفسنا لأن سوء الخلق يبعد وحسن الخلق يقرب وأنصح كل إنسان أن يجيب على قدر السؤال الذي وجه له ولا يفصل إلا إذا طلب منه تفصيل الجواب أو كان في الإضافة فائدة مرجوة لأن النفس البشرية تنفر من الشخص كثير الكلام الذي يتدخل في ما لا يعنيه قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) وتقول العرب قديما : ( المرء بأصغريه عقله ولسانه ). والكلام فن وذوق وأدب , كيف لا .. وبه يعلو المقام ويرتقي المرء وبه يستطيع أن يجذب من حوله له , فقد قيل يعلو مقام المرء بحسن مقاله .
حب الكلام فطرة جبل الله الإنسان عليها وقيل : ( المرء بأصغريه قلبه ولسانه ) حديثى معكم هنا ليس عن كثرة الكلام بل عن الكلام نفسه فكما أن حسن الكلام يعلو بصاحبه فهناك من الكلام أيضا ما يخفض مقام صاحبه , والرسول عليه السلام حذر من ذلك فقال : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقى لها بالا يرفعه الله به درجات , وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوى بها في نار جهنم ) ويظن البعض أن فن الكلام موهبة بينما تلعب الفطرة دورا كبيرا فيها ولكن يستطيع الإنسان أن يطور نفسه بمراقبته لحديثه وحديث الاّخرين بالإضافة إلى التمثل بآداب القرآن والهدي النبوي الشريف . العلم بالتعلم والحلم بالتحلم . ومن الناحية الشرعية نعرف أن الإنسان محاسب بكل ما يتفوه به لقوله تعالى : ( وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ( سورة : ق ) ولذلك يجب أن نتخير من الكلام أفضله لأننا محاسبون ومن الناحية الاجتماعية , نجد أن فن الكلام له أكبر الأثر في بناء أجمل وأروع العلاقات .. فحسن اختيار الكلام بمراعاة ظروف الاّخرين وأحوالهم ونفسياتهم كفيل بأن يبني ويعمر ويوطن ويؤلف بين القلوب وعلى العكس تماما يسيئ بعضنا إختيار كلماته في محادثاته .. فتجر هذه الكلمات إلى المشاحنات والبغضاء . وبذلك أعزائي نرى أننا لو طبقنا بعض الأمور المهمة اللازمة لنا حتى نمتلك هذه الموهبة لأستطعنا أن نشعر بالسعادة والرضا وأهم من ذلك أن نكسب حب وتقدير الآخـــــــــرين ومن هذه الأمور :
1- اجعل ذكر الله على لسانك فإن ذكر الله يرطب اللسان ويطمئن القلب , قال تعالى : ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) وليكن استعمالك عبارات الدعاء للاّخرين بدلا عن عبارت الشكر ..... مثلا عفا الله عنك , جزيت خيرا .
2- تذكر أن تنادي الناس بأحب أسماؤهم أو كناهم إليهم , وابتعد عن التنابز بالألقاب قال تعالى : ( ولا تنابزوا بالألقاب ) حتى لو قصدت المزاح وتذكر دائما أن بعض المزاح قد يتحول إلى خصام ونزاع .
3- لكل مقام مقال , أمر مهم جدا في فن الكلام وهو إختيار الموضوع والعبارات التى تتحدث فيها ..... فلا تحادث الناس بحزن في أفراحهم وتذكر أن الناس بغنى عن ما يتعسهم فيها .
4- من أنجح العلاقات الاجتماعية محادثتك للآخرين بما يدخل السرور على أنفسهم , والطريق إلى ذلك تجنبك تذكير الناس بأحزانهم وهمومهم كأن تتحدث مثلا عن روعة علاقتك بوالديك مثلا وما يقدمانه في سبيل إسعادك أمام شخص يفتقد لهذا الشيئ لأي ظرف كان .
5- لا تكثر الكلام واجعل الإتزان والإعتدال هو نهجك وطريقتك فقديما قيل : ( من كثر كلامه كثر خطؤه ).
6- لا تكثر الحلف فالإنسان الذي سمته الصدق لا يحتاج إلى كثرة الأيمان ليثبت صدق كلامه وتذكر أيضا أن كثرة الحلف من صفات أهل النفاق والكذب ولا تنسَ قوله تعالى : ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ). والله أسأل أن ينفعنا بما كتبنا وقرأنا منقول بتصرف مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .