بين المعلم والموجه التربوي
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : يشرفني أن يتزين جيد الحرف بوميض الفن على أسنة الأقلام ، بنقل هذه القصيدة التي نزفتها قريحة الشاعر المعلم / يوسف بن أحمد بعد أن عركته مهنة التعليم وعركها ويهديها إلى كل من علمه حرفا ويقول فيها :
أشعلت روحك في الآفاق مصباحا
= ورحت تزرع في الأوطان أرواحا
ورحت توقد في الأبدان مفتخرا
= عزيمة تغمر الأكوان إصباحا
ورحت تبني منارات العلا شهبا
= وتوقد الحلم آمالا وأفراحا
حملتَ همّ بناء الجيل متّخذا
= من درب أحمدَ للأمجاد مفتاحا
وقفت نفسك في ذات الإله وما
= طلبتَ شكرا وتقديرا وأمداحا
فما تعبتَ وما كلّـت جوارحكم
= وما مللتَ ولكن زدتَ إلحاحا
ومانظرتَ إلى أجرٍ وقد نقصت
= حاجات أهلٍ وماقالوا : لقد باحا
علّلْتَ نفسك َ بالآمال تزرعها
= حتى غدوتَ أمام الناس فلّاحا
ورحت تستوعب الطلاب مصطبرا
= فذا ثقيل ، وذا ما انفكّ مزّاحا
وذا مريض وفي عينيه بعض عمى
= وذا أصمّ وعنه الركب قد راحا
وذا عليل ، ففي أعضائه وجع
= وفي الخلايا دبيب منه ما انزاحا
وذا بطيء بطيء في تعلّمه
= لايفهم الدرس مهما كنت شَرّاحا
وذا يعذبه التفكير من صغر
= وذا يفكّر إذ ما كان مرتاحا
وذا ضعيف ، وفي أثوابه أسد
= حر يمور إذا ما الدرس قد لاحا
وذا تفوّق من عامين وانطفأت
= منه الذبالة حين اختير سبّاحا
فأنت وحدك في الميدان تسعفهم
= حتى عُددت أمام الخلق جرّاحا
تبارك الله إذ أعطاك مكرمة
= فصرت للشعب قنديلا ومصباحا
تحارب الجهل تبني الجيل مفتخرا
= تقدّم العلم للطلاب أقداحا
تطوّع الدرس كي ترقى بهم همما
= حتى يصيروا لهذا الشعب أرباحا
فاهنأ فإنك في كل الشعوب دمٌ
= تبثّ فيها بحول الله أرواحا
ولما قال : أمير الشعراء / أحمد شوقي رحمه قصيدته المشهورة في المعلم .
قم للمعلم وفه التبجيلا
= كاد المعلم أن يكون رسولا
رد عليه المعلم الشاعر الكبير / ابراهيم طوقان من أبناء فلسطين رحمه الله والذي أمضى أربعين سنة في التعليم أصيب خلالها بمرض السكري والضغط وغيرها قائلا :
شوقي يقول وما درى بمصيبتي
= قـم للمعلـم وفـه التبجـيـلا
ويكاد "يفلقني" الأميـرُ بقولـه
= كاد المعلمُ أن يكـون رسـولا
لوجرَّب التعليمَ شوقي ساعـةً
= لقضى الحياة شَقَاوَةً وَخُمُولا
يا من تريد الانتحـار وجدتـه
= إن المعلـم لا يعيـش طويـلا
حَسْب الْمُعَلِّم غُمَّـةً وَكَآبَـةً
= مَرْأَى الدَّفَاتِرِ بُكْـرَةً وَأَصِيلا
مِئَـةٌ عَلَى مِئَةٍ إِذَا هِيَ صُلِّحَتْ
= وَجَدَ العَمَى نَحْوَ الْعُيُونِ سَبِيلا
وهذه قصيدة زودني بها صديق لي من المعلمين لزميل له معلم شاعر متميز لم يأخذ حقه كما يجب و التي يصف بها حال بعض الموجهين التربويين الذين قدموا غير المتقدم و جعلوا المدارس مرتعا خصبا لأهوائهم أصلحهم الله وردهم الى الحق ردا جميلا حيث يقول : ذلك المعلم الشاعر /
فشل الموجه حين أشهر سيفه
= في وجه من للعلم دوما ينتمي
متوشحا سيف العداوة مقبلا
= يغزو المدارس في ظلال الادهم
يخلو من الانصاف في تقديره
= ويضيع اراء الرجال فتهضم
زعم العلوم جميعها في عقله
= وعقول باقي الناس منها تعدم
ويظن ان كلامه لك محكم
= وغرور ابليس اللعين توهم
تحمر وجنته اذا لم يستطع
= ان يلتقط خطا ولوفي الهندم
ان شك في قدراته وثباتها
= جعل المعلم للمارب سلم
يدنو من الكرسي فور دخوله
= يخشى على القدمين أن تتورم
ياحبذا لو كان منهم مخلص
= يدعو الى الاصلاح دون تهجم
ان كنت حزما قيموك بمكرهم
= أوكنت معروفا لهم لم تظلم
هم معول هدم البناء سفاهة
= تجد الرويبض في الرياض معظم
لويجلبون الى المدائن كلها
= يابى الجميع شراءهم بالدرهم
أووزعوهم أسهما لوجدتنا
= سهم الفتى منا بعشرة أسهم
نحن الالى حملوا الرسالة في الورى
= مابين محدثنا وبين مخضرم
ان كان عندك للامانة منزل
= أوكنت تدعو للتطورفاعلم
كم من عيون في الظلام تنبهت
= فدعت عليك وأنت لاه تحلم
كم مرة جاوزت حدك في العداء
= وكم مرة لوثت كفك بالدم
لاتحسبن الله عنك بغافل
= فالظلم في شرع الاله محرم
ليسوا سواءا فالاصابع في يد
= فيها اختلاف واضح لك فاعلم
فرد عليه أحد أفاضل / الموجهين التربويين قائلا :
قلْ للذي صاغ القصائد بالدم ِ
= جاوزت حد العدل - ويحك - فاعلم ِ
لو كنتَ عدلا في بيانكَ منصفًا
= ما قلتَ - ظلمًا - في أخيكَ المسلم ِ:
"لو يجلبون إلى المدائن كلها
= يأبى الجميع شراءهم بالدرهم ِ
أو وزعوهم أسهمًا لوجدتنا
= سهم الفتى منا بعشرة أسهم ِ"
إنَّ الذي سددتَ قوسك نحوه
= صعب المراس قصيدهُ لم يثلم ِ
قد كان يومًا في الصفوف مبينًا
= نهج الرسول وفحوى آي ٍ محكم ِ
مرتْ سنينُ العمر وهو معلمٌ
= للنشء للشبان للشيخ ِالرمي
لو كنت تعلمُ مايخوض بذي الوغى
= لكسرتَ سهم الحقد دون تكلُّم ِ
فرد عليه المعلم بان في قوله :
ليسوا سواءا فالاصابع في يد
= فيها اختلاف واضح لك فاعلم
في القصيدة استثناء لكل خير منهم وقولك مرت سنون العمر لايتفق مع الواقع لأن الكثير منهم لم يخدم في المضمار التربوي الا ثلاث أو أربع سنوات فلم يحسن التصور عن الميدان حتى يوجه غيره وتسجيل وجهة نظرك أمر حسن وأنا مؤمن بأن من قال هلك الناس فهو أهلكهم وليس القول بالأعم الأغلب من الموجهين التربويين أنهم الأسواء بل يوجد من بينهم من يتطفل من البسطاء على التوجيه التربوي وصار تلك ظاهرة تحتاج الى نقاش وعلاج وأوضح ذلك لك أكثر حيث أن مجموعة من المعلمين أعرفهم وصل الى التوجيه التربوي منهم الأضعف والذين يمتلكون العلم المؤصل والقدرات القيادية ما زالوا في الميدان وهذا ما رأه الكثير من المنصفين بأم أعينهم فلا تجعلني مع من يقول أن جل الموجهين غير صالحين أثابك الله ولكنني أقول مثل قول المثل كل يعد ما واجه وللشاعر الحق أن يعبر عن وجهة نظره ويحق له ما لا يحق لغيره لأنه في الميدان التربوي والنار لاتحرق الارجل واطيها وبما أن أغلب الأخوة الموجهين من الأساتذة الأفاضل فيجب أن يكون حسن النية دأبهم وذلك لعلمهم بالأصل الشرعي الوارد في الحديث ( إنما الأعمال بالنيات وإذا لم نعرف الداء أعيانا الدواء وعند المناطقة مراحل الوصول الى اليقين هي وهم فشك ثم ظن فيقين والظن أكذب الحديث والأصل حسن الظن بأخيك المسلم ولك الظاهر والباطن لايعلمه الا الله لأنه العليم بذات الصدور ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم ولوخلت لانقلبت ولكن ما ذكر في القصيدة من تقديم غيرالمقدم أصبح ظاهرا للعيان وصار ظاهرة تحتاج للنقاش والدراسة والتحليل ومن ثم العلاج لكيلا يستفحل الأمر ويستشري في أروقة التربية والتعليم ويؤثر على العملية التربوية بالسلب ونحن بحاجة الى جيل واع متعلم يحمل رسالة الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم والتربية والتعليم هي أمانة في عنق هذا الجيل المتعلم الواعي وثبت في الحديث الصحيح أن الجنة لا يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر والعلة في ذلك أن الكبر حلية الرحمن لا يشاركه أحدا فيها ومن ينطبق عليه وصف القصيدة فهو متكبر لأنها قيلت من معاناة والشعر شعور وثبت في محكم التنزيل أن المعتدين المشركين أضل سبيلا من الأنعام والعدل في ماهيته هو التسوية بين المتساويات والتفريق بين المختلفات ومن وصفهم الشاعر ليسوا من العدل في شيئ إذ ساووا بين المختلفات وفرقوا بين المتساويات وقد اجتهدت بعرضها على ميزان العقل والشرع قبل نشرها عند أساتذة أفاضل فلم أجد بها قادح وقد يكون اجتهادي خاطئ وعليه كفى المرء نبلا أن تعد معايبه وأسال الله لي ولكم التسديد في القول والعمل . منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .